Google Plus

الخميس، 29 يناير 2015

ديان دوات فاير امرأة تعلم الجميع فن كتابة الرواية..

ديان دوات فاير 
 امرأة تعلم الجميع فن كتابة الرواية.. 
 هناء محمد الهاشمي
كتاب مهم ذلك الذي وضعته الكاتبة "ديان دوات فاير" فهو يفيد الكاتب ويرضي فضول القارئ الذي يبحث عن معرفة أسرار " فن كتابة الرواية" . بدأت ديان دوات فاير الكتابة منذ سن الطفولة، وهي كاتبة روائية معروفة ولها في فن الرواية باع طويل وقد ترجمت رواياتها إلى لغات عديدة ونشرت إلى جانب ذلك العديد من القصائد والمقالات والقصص القصيرة والمسرحيات وكتب الاطفال، وتجربتها في هذا المجال تنطوي على أهمية خاصة فهي منذ أكثر من ربع قرن تشرف على تدريس فنون الكتابة في المعاهد والجامعات مما أكسبها دراية واسعة بحاجة الموهوبين وعشاق فن الكتابة إلى دليل عملي يفتح الطريق أمامهم لولوج عالم كتابة الرواية بثقة واقتدار حيث يعالج كتاب" فن كتابة الرواية" بشكل مبسط ومباشر الأدوات الفنية لهذه الصنعة والكثير من المعلومات التي تضمنها الكتاب تنطبق على أي عمل روائي متكامل.‏
ويتضمن الكتاب محاضرات كانت قد ألقتها " فاير" على روائيين طموحين في مؤتمرات مختلفة للكتّاب وقد أعقبت تلك الاحاديث اسئلة ومناقشات ساعدتها في تشخيص ومعالجة معظم المشاكل التي يواجهها الكاتب الجديد. ليس لأي فصل من فصول الكتاب ان يعزل عن الآخر لأن صنعة الرواية تستدعي كثيراً من التداخل في الأفكار .. فالتشخيص مثلاً يناقش في فصول: الفكرة ، وجهة النظر، التصميم، الحوار، البناء الروائي وميكانيك التطوير بالإضافة إلى الفصل المعقود للتشخيص نفسه،" هذا هو الشكل الذي أردته للكتاب ولا شكل سواه.. فالطاقة المبدعة لايمكن تجزئتها إلى اقسام جامدة".. هكذا ترى الكاتبة القضية التي يتصدى لها كتابها وتضيف:‏
" ان فكرة الفن هي فكرة الحياة نفسها والرواية هي قصة حول اشخاص معينين فالكاتب الروائي على حد تعبيرها يخلق شخوصاً خياليين ثم يدخلهم في مواقف درامية يختارها هو لمقاصد يحددها بوعي تام ومع ذلك الوضوح الذي تصفه " فاير " فهي تحذر أيضاً من محاولة كتابة رواية عن حياة الكاتب المثيرة، فهنا يكمن خطر الحصول على وقائع أكثر وخيال أقل..‏
.. ان الكثير من الروايات الأولى كانت إلى درجة معينة عبارة عن سيرة ذاتية وعلى الكاتب الذي يسلك ذلك الاتجاه ان يخلق شخصيات وحوادث خيالية حتى لو كان بعضها قائماً على الواقع..‏
وتستشهد الكاتبة بمقولة .. تولستوي.. عندما يقول.. على المرء أن يكتب فقط حينما يترك قطعة من لحمه في المحبرة في كل مرة يغطس قلمه فيها..‏
على الكاتب ان يروي حكاية مشوقة وايضاً أن يعمل على صيانة الفكرة الرئيسية مهما بالغت في الخفاء.. وفي الرواية يحصل تغيير مستمر في المشهد والمكان وهناك تطور في الشخصيات وهكذا يتعين على الكاتب أن ينغمر بلا خوف في العالم الجديد حيث الفكرة التي تشدك إلى درجة الذهول.‏
رأي من البرتومورافيا:‏
تورد الكاتبة ملاحظاتها عن استخدام الضمير" أنا" في الرواية، وقد تكون أسهل طريقة لكتابة رواية لأنه من السهل لك ان تتطابق مع شخصية المتكلم أنا، مع ذلك هناك حدود واضحة فالحبكة يجب ان تصمم بشكل دقيق لتجنب الحاجة إلى الحوادث التي تقع حين تكون الشخصية- الرئيسية في الرواية غير حاضرة وهذا الاسلوب بتقدير الكاتبة غير ملائم اذا كانت الشخصية المركزية التي منحتها اعترافك عاجزة عن كتابة الرواية، وتستشهد بفقرة من آراء الكاتب" البرتومورافيا" الذي يقول:‏
ان ضمير المتكلم هو وسيلة تؤدي إلى توسيع وتعميق الرواية إلى درجة غير محدودة ، ففي الوقت الذي يكون فيه من الصعب جداً أومما يبعث السأم ان نجعل الشخص الثالث ان يقول أكثر مما يسمع مدى افعاله لابل نجعله يقول ذلك بدون التدخل العفوي من قبل المؤلف، فإنه من السهل والمشروع جداً ان يتسلم الشخص المتكلم للأفكار- والبراهين الناتجة عنها، وتصنيف ملاحظات مهمة عن الشخص الثالث من وجهة نظر شخص واحد أيضاً أهمية استخدام " الراوي" في العمل الأدبي، وتتوقف بهذا الصدد عند رأي" نينابودن" التي تؤكد في احدى محاضراتها" على الكاتب ان يحدد اية شخصية سيكشف عن أفكارها الحقيقية وما هي وجهة النظر التي يريد التصريح بها، وهل يسمح له فقط ان ينطق بما يفكر به.‏
الفصل والكلمة..‏
وعندما تنتقل الكاتبة إلى التصميم تقرر أن الرواية ذات التصميم الجيد هي التي تضم ثلاثين فصلاً في كل فصل 2500 كلمة تقريباً، ان حجم رواية تقليدية قد يضم من 60000 إلى 100000 كلمة ولكن 70-80 ألف كلمة هو المعدل الجيد، وتطلب الكاتبة بتوجيهات محددة للكتّاب على العمل بثبات من مشهد لآخر وعندها يتكشف الالتباس في الأفكار تماماً مثلما تسدل خيوطها الكتلة المتشابكة منها اذا عولجت بالصبر والثقة.. ان الناس المتنازعين هم مهمون جداً لتصميم اية رواية والمزيد من ذلك يأتي فيما بعد، ان تصميم كل فصل على حدة غاية في الأهمية ولكن الكاتب يستطيع أيضاً ان يحدد نهاية الفصل عندما يكون الحوار منساباً بقوة، ويمكنه ايضاً استخدام الفراغ بين الفصول لسد ثغرة في زمان أو مكان أو تغيير وجهة نظر أو دفع لقصة في اتجاه جديد أو لإدخال تداعيات الاحداث السابقة.‏
التصميم والبيئة‏
ان الرواية في رأي " ديان دوات فاير" يجب ان تكون منسابة منذ البداية مثل رحلة من الاكتشاف مليئة بالمفاجآت فإذا كنت وأنت المؤلف تندهش باستمرار فإن هناك احتمالاً أكبر بإن يكون القارئ كذلك.. إنني قلما أعرف الخاتمة إلى أن أصل إلى نهاية الفصول القليلة الأخيرة." وهكذا فإن التصميم هو تحضير مهم ولكنه يكتسب هذه الأهمية فقط حينما يكون الكتاب نفسه في حالة تقدم بحيث ان الاخطار المشوشة تبدأ في تنسيق نفسها . اشرع بالكتابة ولا تتخوف منها فإذا لبثت عند مرحلة التصميم أكثر مما ينبغي فإنك قد لاتبدأ كتابك على الإطلاق، على المؤلف ان يعرف مناظره الريفية سواء أكانت حقيقية أم خيالية، تماماً مثلما يعرف يده هذا ما يعتقده" روبرت لويس ستيفنسن" عندما يتحدث عن موضوع البيئة فهو يعتبر الشخص والفعل والفكرة والحوار عناصر غير قابلة للانفصال، يجب ان لايحتل وصف المكان أكثر من نصف صفحة بصورة مستمرة وعلى الكاتب ان لايحاول‏
وصف بيئة أو تجربة معينة ما لم يكن يعرف شيئاً شبيهاً بهما، ان الافتقار إلى الاعتقاد الراسخ من شأنه ان يقتل " روايتك" فحاول ان تكوِّن انطباعاً بصرياً لبيئتك الروائية سواء كانت واقعية أو متخيلة ثم اختر لوصفك أكثر جوانبها تأثيراً، ان معظم كتاب الرواية يجدون طاقة التصوير هذه تأتي بشكل طبيعي ولكنك بالممارسة تستطيع تطويرها تماماً مثلما تستطيع تطوير مهارتك في مجالات الكتابة ومن المهم تصميم أماكن الأحداث بشكل متناسق ، في الواقع، ان مما يجعل الرواية جذابة جداً هو ان تجعل قصتك تدور في دائرة كاملة لتنتهي من حيث بدأت ، الخلفيات الأجنبية للأحداث شائعة ولكنني انصحك " هكذا تقول" ديان دوات فاير" بأن لاتقلق حول ذلك وما عليك إلا أن تدع قصتك تأخذ مكانها الطبيعي وتركز على الكتابة بمهارة ودقة..‏
اختراع الشخوص‏
في فصل " الشخوص" تستشهد الكاتبة مرة أخرى برأي البرتوموارفيا حيث يقول: نحن لانهتم بتلك الموضوعية التي تنتج مجموعات مصنعة من النماذج والشخصيات ولكننا نهتم بالطاقة الشعرية الخالصة‏
عن طريق توضيح طبيعة الإنسان وذلك بتقسيمه إلى نماذج وإعادة إظهارها في شخص واحد أو في مئات الاشخاص..‏
... ان مهمة الكاتب الروائي ان يصف الناس على حقيقتهم وأفضل طريقة لخلق شخصية روائية هي اختراع شخص كامل بكل كيانه بحيث يكون معروفاً لديك معرفة تامة ويكون كل فعل من أفعاله قائماً على الصيغة أو الأساس الذي رسمته بنفسك.‏
ان من بين اهداف الكاتب المهمة هو ان يجعل قراءه يهتمون بما يحدث لشخوص الرواية التي يكتبها.‏
ان دراسة علم النفس مفيدة ولكن افضل شيء هو ان تدرس نفسك بشكل موضوعي وتدرس الناس الآخرين بعاطفه.. ان كل شخص على قيد الحياة يختلف عن الآخر وانك ككاتب روائي مطالب بإيجاد المزيد من الشخصيات الجديدة تماماً وذلك ليس بالأمر الصعب..‏
دع شخوصك تكشف عن نفسها بالتدريج كما هي عادة الناس فالمظهر أولاً يليه الصوت والطباع ثم براعة السلوك والموقف وتذكير القراء بالحقائق التي اطلعتهم عليها والقاعدة الذهبية في عالم كتابة الرواية تقول:" من الأفضل ألا تصف شخصاً معيناً ما لم يكن موجوداً في القصة فعلاً" وعندما تبتدع شخصية شريرة عليك ان تعرف السبب في نزعة الشر فيها فاكشف عن اضطرابها وتعاستها بالإضافة إلى صفة البغضاء وان تكون شخصيتك مقنعة فإنها لابد ان تكون مزيجاً من الخير والشر مثلنا جميعاً، من المحتمل أنك قد تنفر من احب شخوصك من وقت لآخر تماماً مثلما نبغض أصدقاءنا، عندما يكشفون لنا ذواتهم الشريرة.‏
خذ هذا بنظر الاعتبار عندما تبتدع شخصياتك الروائية ولا تخش ذلك الجانب الإضافي من الشخصية احياناً قد تصبح الشخصية حقيقية جداً بحيث ترفض ما كنت قد خططت لها وحين يحدث ذلك إياك أن تفرض إرادتك لأنك ابتدعت شخصية حقيقة تمتلك إرادة خاصة وتلك لحظة رائعة في حياة أي روائي. أمسك شخصيتك بعناد رخو وامنحها الحرية إلى حد ولكن ثق من انه لن يخرجك من قصتك بشكل جنوني، عليك ان تمسك بالزمام في الوقت الذي تسمح فيه لشخوصك الروائية بالسلوك وفق ما كنت رسمت لهم.‏
اكتب المشهد بكل المهارة التي تمتلكها ودع موهبتك تدل على قدرتها من عدمها، ان خلق الشخصيات المتخيلة هو جوهر العمل الروائي، أما الإحتمالات فلاحصر لها.‏
الحوار الروائي..‏
ان الحوار عموماً، هو أكثر الأجزاء المتفق عليها في الرواية ولكن يكون ذلك فقط ما يهدف إلى سرد القصة الرئيسية بطريقة ما، هذا الرأي للكاتب" انتوني ترولوب" وعلى الكاتب ان يشذب ويحرر احاديث شخوصه ويوجهها‏
نحو ما هو اساسي في حركة القصة إلى أمام ووصف الشخوص، وتتوقف الكاتبة عند رأي" غوستاف فلوبير" الذي يقول:" في حياتي لم أكتب اصعب من هذه المحادثات المليئة بالتفاهات وقد يستغرق هذا المشهد مني ثلاثة اشهر ، ابكي فيها أحياناً واشعر باليأس "..‏
ان كل سطر من الحوار يجب ان يفصل بدقة على قدر الشخص المقصود والحوار المحكم يؤدي إلى توتر في الموقف وعلى الكاتب الناجح ان يجعل حواره سهلاً ممتعاً فإن الحوار الروائي لايتضمن زيادات غير ضرورية، وتدعو الكاتبة الذين يريدون ان يصبحوا كتاباً إلى قراءة احاديثهم دوماً بصوت عالٍ فهذا يعين على كشف الأخطاء وتجنب العبارات المتكلفة..‏
احذر ان تجعل شخوصك تتحدث وكأنها تقرأ مقالة أو تخاطب جمهوراً من الناس ففي ذلك خطر خصوصاً لوجعلت أحد الاشخاص ينطق بواحد من آرائك الخاصة، قد يغريك ذلك للصعود معه إلى منصة الخطابة، القاعدة هي ان تجعل احاديثك قصيرة فالناس قلما يتحدثون طويلاً دون مقاطعة إلا اذا كان جمهورهم من الأسرى، وتضيف الكاتبة، لاتجعل الناس يتحدثون عبثاً بل حدد مكانهم وما يقومون به وهم يتحدثون، في الحديث الطبيعي يتوقف الناس باستمرار ويقاطع بعضهم بعضاً ، يغيرون الموضوع ويجيبون عن السؤال المقصود يصابون بالحرج ويحتد مزاجهم، تذكر ان كثيراً من حديث الناس يراد منه اخفاء الحقيقة أكثر من اظهارها.‏
بلبل أم بوم..؟‏
ان على الروائي ان يدع مخلوقاته تستعمل مفرداتها الأصلية ولكنه بالدرجة الأولى حر في ممارسة تمييزه الشخصي في اختيار الفكرة الأساسية والشخوص وتورد الكاتبة مثلاً على براعة الكاتب" جراهام جرين" في استخدام كلمة " قال" في كتاب" انكلترا صنعتني" مستعملة حوالي ست عشرة مرة في صفحة واحدة دون ان يلاحظها القارئ إلا اذا كان يراقبها عن قصد ، ليست ثمة طريقة افضل لتعليم هذه الاساليب الفنية بما فيها تصميم الحوار في الصفحة، من دراسة عمل مطبوع - لروائيين جيدين محدثين، ويجب ان تكون حديثاً جداً في معالجتك لهذا الفن اذا أردت ان تحظى باهتمام ناشر، وفي فصل التنظيم- تستشهد الكاتبة برأي " ج.ب. بريستلي" الذي يقول " اكتب كلما أمكنك ذلك.لا بأول فكرة تجد طريقها للطبع وانما كأنك تتعلم آلة من الآلات. تحتاج الكتابة المنظمة إلى ساعة واحدة على الأقل وثلاث ساعات ستكون افضل " وللبلبل أو البوم" وقت يعمل فيه. أحدهما يختار ساعات الصباح الأول والآخر يختار الساعات المتأخرة، ومن الأفضل تحديد فترات قصيرة منتظمة بدلاً من الفترات غير المتواصلة وغير المحددة واذا أردت اكمال رواية فإن من الضروري ان تتعود على العمل المنظم وأفضل اسلوب عملي لذلك هو ان تحدد مقدار الوقت الذي تستطيع توفيره كل يوم وان تختار أكثر الاوقات مناسبة، فإذا قررت فعليك الالتزام بأقصى درجات الانضباط.‏
" إياك ان تحدث أي شخص عن روايتك قبل الشروع في كتابتها. ان كتابك هو رحلة من الاكتشاف وإذا اكتشفته اولاً عن طريق الكلام فإنك قد تقضي على ذلك التوقع السحري وتجعل عملك أكثر صعوبة وحتى مستحيلاً،" وتورد الكاتبة " ديان دوات فاير" ملاحظاتها عن تنظيم مكان العمل ومعدات الكتابة والمراجع التي يجب ان تكون متوفرة لدى الكاتب ، ويتحدث الكاتب " جوزيف كوتراد" عن الفصل الأول في الرواية قائلاً" مع ذلك فإني ترددت حتى في تلك اللحظة وكأن غريزة الحفاظ على النفس حذرتني من المغامرة برحلة بعيدة ومضنية إلى أرض مليئة بالدسائس والثورات، ولكن كان لابد من تحقيق ذلك".‏
وتواصل توجيهاتها.. ابدأ بالكتابة واستمر على العمل بانتظام مهما كانت طريقتك غير واضحة ومهما شعرت بالفتور ، اذا كنت شيئاً ما فإنك في النهاية ستجد القصة تتطور ، بعد ذلك تستطيع العودة واعادة الكتابة على ضوء المستجدات التي تكتشفها عن شخوصك والحبكة الروائية، وفي جميع الأحوال قد تحتاج إلى اعادة كتابة الفصل الأول حينما يكتمل الكتاب، تذكر ان هذه مهمة ممتعة ، فهناك شيء تتوق إليه وأنت تبني روايتك صفحة صفحة.‏
الحبكة.. الغموض والذكاء‏
... أما ما يتعلق بالحبكة الروائية فالكاتبة تتوقف عند رأي "ايفي كومبتون بيرنت" حيث تقول:" وجدت الحياة الواقعية لاتفيد ابداً في الحبكة الروائية، ذلك ان هذه الحياة لاتوجد فيها حبكات، ولما كنت اعتقد بأن الحبكة الروائية مرغوب فيها لابل ضرورية تقريباً، فقد ازدادت نقمتي على الحياة"‏
تنشأ الحبكة من الصراع والشخوص ، فإذا كانت الشخصية الرئيسية في الرواية تواجه مشكلة كبيرة في البداية أو تحاول بيأس الحصول على شيء صعب المنال اضافة إلى محاولاتها الملتوية للوصول إلى هذه النهاية وما يصاحب ذلك من فشل أو نجاح فإن هذه الشخصية ستؤسس بناء الحبكة في روايتك.‏
وتستعرض الكاتبة نماذج لبعض أنواع الحبكة التي حفلت بها روايات مشهورة، وفي مقابلة أجرتها مجلة " باريس رفيو" مع الروائي" ايزك دانيزت" قال: أبدأ بوخز خفيف، ذلك هو إحساسي بالقصة التي سأكتبها بعد ذلك تأتي الشخوص وتستولي على أحداث القصة وكل هذا ينتهي بالحبكة".‏
حاول ان تجعل شخوصك في موقف محير بحيث ينتقلون منه إلى موقف محير آخر أو ربما أكثر حيرة، ولكن دوماً لابد من وجود نوع من الورطة أو تطور درامي حاد على وشك الوقوع حتى لو كان ذلك وهماً من الأوهام في ذهن الشخصية..‏
ان الحبكة في الواقع هي عبارة عن شيء يؤدي إلى آخر.. وفي كتاب " اركان الرواية" يقول " إ . أم. فورستر" " لنعرف الحبكة بعد ان عرفنا القصة بأنها سرد لحوادث رتبت حسب تواليها الزمني ، والحبكة أيضاً هي سرد لحوادث معينة ولكن التأكيد فيها يقع على المصادفة فإذا قلت :" مات الملك ثم ماتت الملكة" فإن هذه قصة أما إذا قلت " مات الملك ثم ماتت الملكة من شدة الحزن " فهذه حبكة، فالتسلسل الزمني موجود ولكن المصادفة هي التي تلقي ظلها عليه وإذا قلت " ماتت الملكة ولا أحد يعرف السبب إلى أن اكتشف أنها توفيت حزناً على وفاة الملك " فهذه حبكة فيها غموض وهذه طبيعة تحتمل التطور الشديد .. فالحبكة تحتاج إلى ذكاء وإلى ذاكرة أيضاً.‏
ان الحبكة بالنسبة للعديد من الكتاب المبتدئين تعتبر مشكلة عويصة ولكن إذا فكرت ملياً بفكرتك الرئيسية وعرفت شخوصك وعملت من مشهد لآخر فإنك ستجد الحدث يتبسط بسهولة أكثر مما كنت تعرفه. يقول تولستوي" عن البناء الروائي:‏
" ان أهم شيء في العمل الفني هو وجوب توفر نقطة مركزية فيه ، أي لابد من ان يكون هناك مكان ما تلتقي فيه أو تصدر عنه جميع الأشعة ".وتقول " ديان دوات فاير" : " يمكن تشبيه شكل الرواية بشجرة فيكون الجذع بمثابة العمود الفقري للقصة التي تبلغ ذروتها عند أعلى الأغصان. أما الأغصان الجانبية فهي‏
الحبكات الثانوية ولذلك فإن الشكل يفقد تناسقه إذا ما اصبح أحدها طويلاً أو كثيفاً وتكون الأغصان الصغيرة الأوراق والثمار بمثابة التفصيلات التي تعطي الضوء واللون وأنواعاً مختلفة من التراكيب والحالات.. في الحياة الواقعية كل شيء متناسب ولكن الحال ليست كذلك في الرواية .. قال " الفريد هيتشكوك" ‍:" الدراما تشبه الحياة الواقعية التي أزيلت منها الأجزاء المعتمة". أية محاولة لفرض آرائك ستشوه صورة كتابك وتقلل من قيمته الفنية. وتعتقد الكاتبة في موضوع الموازنة أن الرواية إما أن تنطلق مع الشلالات السريعة أو أن تجدف برفق في المياه الهادئة ولكن ليس من الواجب ان تكون الرواية كلها شلالات أو كلها مياه هادئة . فالأزمات وفترات الهدوء لابد أن توازن بعناية بالرغم من ان مزاج الكاتب سيحدد خطوات القصة.‏
مسرحية الموقف..‏
من سياق الحديث عن مسرحة الموقف تعتقد الكاتبة ان المقاطع التمهيدية بالرغم من كونها أقل درامية في حدّ ذاتها، فإنها تجعل لحظات الدراما أكثر تأثيراً وأهمية ليس بالمقارنة وحسب وإنما لأنك بمهارة تحشد التوتر.. ان التوقيت الدقيق شيء أساسي فليمتد حشد الأحداث ولكن ليس إلى الحد الذي يبدو فيه مملاً..‏
وان اتقان عنصر التشويق ليس أمراً أساسياً بالنسبة للقصة المثيرة وحسب بل هو أساسي كذلك في كل قصة هادئة لاتعتمد الإثارة، وان كل رواية تحتاج إلى نهاية قوية حتى لو كانت تصف جانباً واقعياً من الحياة. وتجنب القفزات الكبيرة في الزمان والمكان والكشف عن سمات الشخصيات الواضحة. في كتاب "اركان الرواية" يقول" إ . أم . فورستر" " ان كل فعل وكل كلمة في الحبكة الروائية يجب ان يكون لها اعتبار إذ يجب ان تكون ذات جدوى، وحتى لو كانت معقدة يجب ان يكون لها كيان وتخلو من الموضوعات البالية، قد يكون الفعل أو الكلمة سهلة أو غير سهلة وقد تضم أشياء غامضة ولكن يجب ان لاتظلل القارئ..‏
الختام..‏
وعن الختام يقول " ايزك دانيزن".. القصة السليمة شكل وهيكل ، في اللوحة يكون الإطار مهماً لمعرفة أين تنتهي الصورة وأي تفصيلات يتعين تضمينها أو حذفها وأين يمرّ الخط الذي يفصل الصورة" قد يكون الكتاب اشعث غير متوازن ، كثير القفزات، مرتبكاً أو مملاً وقد يكون محكماً أنيقاً منساباً واضحاً ومقروءاً فإذا وجدت عندك الموهبة وفهم المبادئ الأساسية فإنك تحتاج فقط إلى الوقت والإرادة لإنتاج رواية محكمة البناء. و" ستندال " يقول عن الأسلوب: " اعرف قاعدة واحدة فقط وهي ان الأسلوب لايمكن ان يكون واضحاً وبسيطاً جداً ". ويقول أرسطو" :" لكي تكتب جيداً عبر عن نفسك مثلما يعبر الناس ولكن فكر مثل رجل حكيم" بينما يقول " وليام فوكنر": " علم نفسك من اخطائك فالناس يتعلمون من الخطأ فقط" وقال" جويس كاري": " كثيراً ما أعيد الكتابة وأراجع الكتاب كله مسقطاً منه أي شيء لايتصل بالتطور العاطفي وتماسك الشعور" هناك عدة كتاب جيدين ضيعوا فرصة نشر كتابهم الأول بسبب شهر أو شهرين‏
من العمل الإضافي ، ربما كان السبب الإعياء ، الكسل ، عدم الصبر، أو الافراط في الثقة أو الحاجة إلى المال الجاهز ولكني أتوسل إليك أن لاترتكب هذا الخطأ.‏
ويقول " سول بيلو" عن موضوع تشريح صفحة.." في ذهني إنسان آخر سيفهمني وأنا أعوّل على ذلك". وتعرض الكاتبة دراسة لفصل من روايتها وهي تشرح بالتحليل خطوات الكتابة وتؤكد أن هذه الدراسة يمكن ان تفيد فائدة كبرى اذا طبقت على أية رواية مطبوعة ومن النوع الذي تريد ان تكتب مثله..‏
اختيار العنوان..‏
" يوريكا، لقد وجدتها ".." ارخميدس"- تتحدث الكاتبة عن طرق اختيار العنوان للرواية أو المؤلف أو المخطوطة.. بعض المؤلفين يختار العنوان قبل البدء في الكتاب والشائع هو ان يأتي العنوان عندما تكتمل الرواية، وقد يكون العثور على عنوان جيد مهمة صعبة وشاقة لكنها في كل الأحوال مشوقة.. أدرس العناوين التي تعجب بها وحلل علاقتها بالفكرة الرئيسية وروح الكتاب ولا يغريك استعمال عنوان فني في حد ذاته لايناسب روايتك..‏
وفي فصل وضعت له الكاتبة عنوان" الإطلاق" تستشهد برأي" جون شتاينبك" الذي يقول " يموت الكتاب موتاً حقيقياً بالنسبة لي حين أكتب آخر كلمة منه.. احزن قليلاً ثم أباشر كتاباً جديداً..كتاباً حياً..‏
المراهقين ايضاً...‏
وتخصص في فصل آخر مساحة للحديث عن الكتابة للمراهقين.. يقول " فرانسوا مورياك".. من بين كل التهاني التي تقدم للكاتب هناك تهنئة خاصة، تلك التي تجعله يتألق من السرور وهي، انت موضع اعجاب كبير من لدن جيل الصغار.. ان الروايات التي تكتب لهذه المجموعة من الأعمار تقرأ بشكل رئيسي من قبل الفتيات . ان الكتابة للصغار هي تحد كبير، فالانطباعات الدائمة تتكون في هذا العمر وتستطيع الشخوص والحوادث الإلتصاق بالذاكرة وتحديد شكل تفكيرهم.‏
الناشرون والنقاد..‏
في فصل " الناشرون والنقاد " تهتم الكاتبة بقول " سير ستانلي اتون": " اذا رفض ناشر مسودة كتابك ، تذكر أن ذلك مجرد قرار لانسان واحد غير معصوم عن الخطأ، فجرب ناشراً آخر"... اذا نشرت رواية فإنك تكشف لآراء كل ناقد للكتب ، ان تقبل بحقه في التعبير عن رأيه بقوة وعلانية وتذكر أنها وجهة نظر رجل واحد وانك لا ترجو رضى كل واحد، ادرس كل تعليق مضاد بعناية وتعلم منه كل ما تستطيع. وعن الأجور والعقود يقول" ديستويفسكي":" انني ببساطة لا أعرف كيف يستطيع أي شخص ان يكتب بسرعة فائقة ومن اجل المال فقط.. إنني أرغب في ان انصح كل روائي مستجد يكافح من أجل لقمة العيش بأن يجد له عملاً آخر بالإضافة إلى الكتابة حتى لو كان بساعات محددة.. ان لمن السيء ان يكون عمل المرء‏
للكتابة من أجل المال مع الإحساس بالعجلة والقلق".. وينصح الروائي باختيار عمل يوفر لقمة العيش ويؤدي إلى مقابلة الناس.‏
الكاتب والبحث عن الكمال..‏
وفي مجال البحث عن الكمال. يقول " اميل زولا" نحن ببساطة نرسم الإنسانية كما نجدها في الطبيعة ونحن نقول ليكن كل شيء معروفاً من أجل ان يشفى الجميع".. ان واجب الكاتب الروائي هو ازالة القشور والكشف عن الجوهر الاساسي للناس والأماكن والأشياء كاشفاً عن طبيعتهم الحقيقية وعلاقات بعضهم بالبعض الآخر ، وتستطيع رواية جيدة ان تحطم قيوداً عديدة عن طريق الكشف عن المشاعر الكامنة التي يشترك فيها البشر جميعاً، يجب ان يجعل الكاتب كتابه كاملاً وعملاً فنيّاً متفرداً بلا زيادة أو نقصان. ان الحالة الخلاقة التي يعبر عنها" هنري جيمس" على النحو التالي.." العيش في عالم الابداع، الولوج فيه والبقاء هناك ، معاودته والتردد عليه، التفكير العميق المثمر، تحويل المجموعات والإلهامات إلى واقع وبشكل عميق مع ديمومة الاهتمام والتأمل ، هذا هو الشيء الوحيد " وبدون الحالة الخلاقة، لن يكون أي قدر من الموهبة والمهارة ذا جدوى كبيرة ولكن باجتماع الثلاثة سوية نستطيع ابداع رواية تهز الأمم..‏
الموهبة هي هبة تولد معنا، والتكنيك يمكن تعلمه إلا أن حالة الابداع تجيء لحظة وتذهب اخرى وغالبية الكتاب الناجحين يعاملون الكتابة مثل الوظيفة، والحالة الابداعية وطيدة العلاقة بالثقة بالنفس." البير كامو" يقول: على الكاتب ألا يتحدث عن شكوكه في ابداعه..وقد قال" روبرت لويس ستيفنسن" " اذا أحب أي انسان العمل في أي حرفة.. فإن الآلهة قد دعته"..‏

0 التعليقات:

إرسال تعليق

اقسام الموقع

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More